الاثنين، 18 أبريل 2022

البوط ( ق.ق)............... بقلم الأديب / خالد داود

 


البوط
***
ابو صالح،،هذا الرجل الستيني، والذي يعيل سبعة من الابناء ،اكبرهم صالح ابن الثالثة عشر،ابو صالح هذا ليس الا واحدا من جيش عمال الداخل المحتل،الذي يعبر الخط الاخضر في الصباح الباكر ويعود الى المدن والقرى في المساء..
كان ابو صالح قد عود نفسه على نمط عيش يوازي دخله الشهري الذي لا يتجاوز الالف وخمسماية شاقلا شهريا،،رغم غول الغلاءالذي يلتهم كل شيء كان يدخر بعض المال لليوم الاسود،،نعم لقد كان دقيقا في حساباته ومصروفه وحريصا ان لا يستدين وان لا يحتاج الا الله،،وعندما كانت تحتج الزوجة او احدا من اولادها كان يقول اللي بيرضى بيعيش...والقناعة كنز لا يفنى ،،وحكم وامثال كثيرة حفظتها الزوجة والاولاد عن ظهر قلب،،وكان عندما يبدأ بالنطق بها تكملها زوجته وهي باسمة،،نعم فهي زوجة تعودت شظف العيش ليس لان زوجها بخيلا بل لان هذه امكانيات زوجها وعليها ان تعتاد على هذا وعلى ما قسم الله وكانت لا تكف عن حمد الله وشكره والدعاء لله يفرجها عليهم ويرزقهم من خيره ونعيمه...
   ..وعندما فرض الاحتلال الغاشم الطوق الامني على الارض المحتلة ومنع العمال من العمل بالداخل تقطعت الاسباب بابي صالح وجاءت الايام السوداء لتأكل كل ما ادخرته الايام البيضاء ،،وما زاد الطين بلة بداية العام الدراسي وطلبات الاولاد التي لا تنتهي من ملابس وكرطاسية ووووو،،
  وكان ابو صالح قد اشترى حذاء رياضيا لصالح واخيه على ان يتناوبوا لبسه في حصص الرياضة..
وكان ينتعله من عليه حصة الرياضة اولا ..فاذا انتهت حصة الرياضة البدنية استأذن المعلم ليعيد البوت لاخيه ،،
لكن وبعد تكرار هذه العملية المحرجة ضاق المعلم ذرعا بصالح وقال له هذه اخر مرة اسمح لك ان تعيد الحذاء لاخيك..على والدكما ان يشتري لكما حذاء اخر،،
وقعت كلمات المعلم على رأس صالح كالصاعقة ،،فهو يعلم علم اليقين ان والده لا يملك ان يشتري كيلو بندورة فمن اين يشتري لهم حذاء اخر،،هذه هي الطامة الكبرى،،وعاد من المدرسة وهو يفكر كيف يحل هذه المعضلة الكبرى،،وهداه تفكيره الى ان يذهب الى معسكر يتدرب فيه الجيش ويجمع من هناك معادن الالمنيوم والنحاس ويبيعها ليشتري حذاء رياضيا جديدا..واعجبته الفكره..وصمم على تنفيذها بسرية تامة
    وفي صباح يوم الجمعة قام من نومه باكرا شرب كوبا من الشاي مع بعض الخبز وخرج من بيته يحمل كيسا متوجها الى معسكر تدريبات الجيش..واخذ يبحث عن المعادن ويجمعها ولكن لسوء حظه كانت هناك قنبلة لم تنفجر ،وهو ليس بالخبير ولا يعلم انها قنبلة لم تنفجر ،،وحاول تفكيكها فانجرت به ..ونقل صالح الى المشفى وهناك بترت قدماه،،
  وعندما زاره اخوه احمد بالمشفى قال له صالح مبروك عليك البوط يا احمد فمنذ اليوم لن اقاسمك اياه....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فن البوستات كمال العطيوى