اعْلَمِي يَا ذات الخيال العنيد
أننى قلمٌ مِن نوعٍ فريدْ
حروفُ الاستعطافِ لَسْت أَكْتُبُهَا
و لفن التَّذَلُّل لَا أُجيد
و لَسْتُ آسَى عَلَى النساءِ
إنْ لَمْ يُجدن ارتداءَ الرجالْ
إنْ لَمْ يكنّ رباتَ الخدورْ
إنْ لَمْ يَفضن مِن الْجُفُون نُور
إنْ لَمْ يُتوَّجن بالحبيب
فحضورَهن كَمَا الْمَغِيب
لَسْت آسَى عَلَى النِّسَاءِ
مَا دُمن يَكْفُرْن عَهْد الْغَرَام
و يَكْفُرْن صِدْقَ الْكَلَامِ
و يَكْفُرْن تسربلي فِى عَشِق إحداهُن
و أنتِ لستِ إحداهُن
أنتِ أميرتُهن زهرتُهن
واحتهَن الَّتِى يستقين مِنْهَا الْأُنُوثَة
و يستقين مِنْهَا العِطْر و الْجَمَال
و يستقين مِنْهَا الدَّلَّال
أَنْتِ الَّتِى ادخلتنى فَضَاءَ الْهيَامِ
فارتويتُ مِنْ نُورٍ الصَّبَّاحْ
آمنتُ باحتلال الْأَرْوَاح
و اِخْتِزَال النِّسَاء فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ
أنتِ مِن ذوبتِ رُوحِي الْجَامِدَة
أشعلتِ ثَوْرَة البراكين الْخَامِدَة
أخرجتِ مَارِد الشِعر
أضئتِ بلّورة الْعُمْر
أَلْبَسْتَنِي الْحَبّ جِلْبَابًا
و بعدما راق المقام و طابَ
و زرِعَتُ نَفْسِى بِأَرْضِك
و أدمنتُ نسيمك الرُضابَ
سللتى سُّيُوف الهجر
إتخذتى من الكلام حِرَاب
أسقيتنى كُؤُوس الْعَذَاب
أهلتي عَلَى الْغَرَامِ التُّرَابَ
مزّقتنى كتمزيق الثِّيَاب
شيبتنى قَبْل الشَّبَاب
فتبتُ عن التسبيحِ بإسْمِكُ
قَتَلْتُ فُرشاتى بِذَنْب رسمِكِ
كفرتُ بِكُلّ قَصَصِ الْغَرَام
لُمتُ قيساً عَلَى الْجُنُونْ
و عنترا مَا ملّ مِن المَنونْ
و رميو مَا شَبِعَ مِنْ المُجونْ
مَنْ جَعَلُوا النِّسَاء دوائاً و طِبّ
لُمْت كلَ مَنْ أَدَمْنَ الْحَبّ
وضعتُ قانوناً لِسَيْر الْقَلْبْ
قُلْتُ فِى مَادَّتِهِ الْأُولَى
الْمَرْأَةُ إنْ أمسكتني . . أَمْسَكْتهَا
أمّرتها .. ملّكتها .. دللتها
و إن أَرْسَلَتْنِي . . أَرْسَلْتهَا
كجملةٍ بِقَلَمِ رَصَاصٍ محوتها
زُهْرَةٌ أَبَتْ أَنْ ترتوى
فَجَفَّت فِي يَدِي فَأَلْقَيْتُهَا
مَنْ بَاعَ . . لن أشترى له قُرب
سألقيه بعيداً عَنْ هَذَا الْقَلْبِ
سأُعاقبُ عَلَى ذَنْبِكِ كُلَّ النِّسَاءِ
سيروننى قُنّةً سامقةً شمّاء
لَن تَحْتَلّ روحى أَيِّهُنّ بَعْدَك
و لَنْ أَعُودَ مَهْمَا بَلَغَ جُهْدَك
أحببتكِ حَبَّ الْمُلوكِ
ذُبِحَتُ كُلَّ الشُّكُوك
وَثقْتُ .. و أَعْطَيْتُ كُلَّ الصُّكُوك
بِأَنَّكِ أَغْلَى و أَحلَى النِّسَاء
بِأَنَّك أيقونتي و معونتي و مئونتي
و إِنَّكُ النَّدَا و الشَّذا و الْمَاء
قُلْتُ دَعْهَا تنتشى و تغتبط كَمَا تَشَاء
دَعْهَا تُجَرَّبُ حُبَّ الشُّعَرَاء
ترتدى ثِيَابَ المُلهِمات
تُحلّقُ كاليمامةِ فِى الْفَضَاء
تَعَانَقُ النَّهَارَ وَ تَشْرَبُ الضِّيَاء
تزغردُ مَع أَلْحَانِ قصائدي
تُصَفِّقُ لتراقصي بِالْحُرُوف
تَسْكُنـ قَلْعةَ الْبَيَانِ
تَبَلَّلُ قَدَمَيْهَا عَلَى شطئانى
تصَيِّرُ كُلَّ نُدماني
تَطْلُقُ الصَّهِيلَ مِن الْهيَام
دَعْهَا تَغُوص .. دَعْهَا تعوم
دَعْهَا كالطفلة .. تَقَعُ عَلَى ذِرَاعِكَ و تَقُوم
تَقَفَّزُ فِى رَحابةِ صَدْرِك
تَتَعَلَّقُ بَيْنَ ضِلَعَيْنِ
تَجْلِسُ فَوْقَ الكَبِدْ
و مَهْمَا وُجِدَتَ مِنْ الكَبَدْ
لَا تَدَعهَا تَنَام عَلَى الدُّمُوع
لَا تَدَعْ لِلْحُزْن إلَيْهَا سَبِيلًا
لَا تَدَعْ الرَّحِيق يَسِيل
مِن جُفُون الْحُبّ
عَبرتُ إلَيْك أَلْفَ أَلْف طَرِيق
شقَقتُ إلَى السَّمَاءِ مَضِيق
لِمَاذَا زرعتِ فِيه أَشْوَاك
لِمَاذَا أثرتِ بوجداني الْعِرَاك
لِمَاذَا تقمصتِ دور جِن
صنعتِ مِنْ التَّمَرُّدِ فَنّ
راوغتِ و اختفيتِ
جعلتِ اللُب جُنّ
و نسيتِ مَن لِأَجْلِكِ
بَاع الشَّرْقَ و الْغَرْبْ
تَنَازَلَ عَنْ قِيادَة السّرب
أَحْرَق أَغْصَانُه
و مَرّ فَوْقَ كُلِّ كَرْبٍ
مَرَّ عَلَى خُلجان الْمَاءِ
و حرّمَ عَلَى نَفْسِهِ الشُرب
لَم ترسُمي وَجْهِي
فِى جداريةِ فَرَسَان الْحَرْب
لَا يَا زَهْرَة الْفُؤَاد
روحِي تَعَصى عَلَى السَّلْبِ
أَنَّ مَنْ صَنَعتُ هَذَا الدَّرْب
أَنَا رَبُّ هَذَا الْقَلْبِ
أَنَا رَبُّ هَذَا الْقَلْبِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق