المقامه العمريه
الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه والصلاه والسلام علي من اصطفاه ربه واجتباه للعالمين بشيرا ونذيرا وبعد هذه قصه مقامه غايه في الأيجاز والاستقامه
اذ عادت صديقتي من ارض الحجاز بعد اداء الفريضه للمره الخامسه ما بين حج وعمره قلت اذهب اليها اقدم التهاني وامني نفسي بالأماني لعلي احصل علي علي هبه او هديه فأنا اعلمها جواده سخيه كريمه تقيه فيها كل الخصال الجميله واسمها نبيله المهم قمت من نومي مبكرا وذهبت الي محطه القطار بدون حتي تناول الافطار ولم يطل بي الأنتظار اذ وجدت نفسي في القطار ومنيت نفسي بنومه طويله هانئه جميله واذ بي اجد القطار قد تحول الي سوق كبيره فيها البائع والشاري وفيها حكمه الباري طوفان من البشر من كافه الاشكال فقلت نومي ضرب من المحال ثم رأيت مجموعه من الشباب عض الأهاب يتبادلون الشتائم والسباب هكذا بدون اسباب المهم وصلت الي قاهره المعز لدين الله وانا في غايه التعب والعطش والسعب وركبت حافله الي بغيتي وانا امني نفسي بهديتي اما مسبحه وسجاده صلاه او عبائه موشاه ووصلت الحافله قبل وقت القائله فأتصلت بمضيفتي وكتبت وصفتي الداله علي الطريق وانا في غايه التعب والضيق وصلت الي المنزل العامر وانا هزيل ضامر من العطش والجوع وكأنني لم اذق طعاما من اسبوع دققت الجرس في وقار وخرجت سيده الدار الحاجه نبيله مضيفتي الأصيله ورحبت ايما ترحاب ثم ولجت من الباب ووجدت طوفان من الناس من كافه الأجناس اتوا لتقديم التبريكات ونيل العطايا والهبات فهذه عجوز شمطاء وتلك غاده هيفاء وهذا رجل وقور وهذا يشع من وجهه النور وهذا يلمع وجهه بالبشر والسرور ومضيفتي في غايه اللطف والأكرام ومعسول الكلام وهي تشرح اعمال عمرتها المبروره وذنوبها المغفوره ثم التفتت لي وقالت ماذا تريد من الشراب قرفه ام عناب قلت بارك الله فيك نبيله سيده الكرم الطائي وكدت اقول قصيده من انشائي الا انها اتجهت بكليتها الي الضيوف وغرقت في بحر من الخجل والكسوف فأنا اتشوق لكوب ماء بعد ما لقيته من عناء ولم ياتي لا قرفه ولا عناب المهم احسست ان الوقت يمر سريعا واكأد اسقط سريعا مما لاقيته في رحلتي الميمونه وفكرتي المجنونه وبدا يتسرب الي قلبي الياس والملل ولكني صبرت نفسي بلا كلل ورايت الوجوه تعبس وتضيق فقلت فرج بعد ضيق ربما تخصني المضيفه بهديه نفيسه او عطيه نميسه ولم يطل بالقوم البقاء فخرجوا علي وعد بلقاء وخلا لي الطريق ولمعت عيناي في بريق ثم دخلت فتاه في عمر الزهور يملاء وجهها البشر والحبور فألقت اجمل سلام وتحدثت بعذب الكلام وقال نبيله هذه صديقتي الجميله الأنسه روز التي ندللها بفيروز قلت في نفسي عافاك الله لقد خرج الجميع وجهه مثل قفاه ولم ينالو قلامه ظفر ولقد تجاوز الوقت العصر
وهكذا لن الحق القطار ولن افوز من الغنيمه حتي بالفطار ثم حدثتني نفسي بثماجه ان لابد من التلميح بالحاجه التي عانيت من اجلها الصعاب فقلت لابد من طرق الباب فقلت سيدتي نبيله حج مبرور وذنب مغفور وند وبخور وطواقي جميله ومسابح طويله وكأنما ادركت مضيفتي ما اشير اليه من طرف خفي فقالت بصوت حيي روز الم تدركي ان حقائبي فقدت في المطار فالعذار العذار فأنا لم ااتي لك بهديه ايتها العزيزه البهيه فقلت بصوت عالي يا للبليه لقد ضاع مشواري شعاعا ولم اجذ متاعا ففيم كان السفر والترحال وفيما شد الرحال فلا طعام ولا هديه بل هي خيبه قويه وهنا تذكرت عمنا بن بحر الجاحظ حين قال كلام يأخذ بالقلوب واللواحظ حين قال عن ضيف ابا نوح فابدع التصوير وها انا الاقي نفس المصير فهاجت بي الأشعار فقلت بلا انتظار يجوع ضيف أبى نوح بكرة وعشيا
يجوع ضيف أبى نوح بكرة وعشيا
أجاع بطني حتى وجدت طعم المنية
وجائنى برغيف قد أدرك الجاهلية
فقمت بالفأس كيما أدق منه شظية
سُلم الفأس وانصاع مثل سهم الرمية
فشج رأسي ثلاثا ودق منى ثنية وهنا قالت مضيفتي دعك من ابا نوح وذلك المضيف المقبوح واسمعنا شيئا من اشعارك وبنات افكارك هذا هو بيت القصيد قلت اشتاق للحم والثريد ثم انشأت اقول من نظمي واشعاري وانا اكتوري بغيظي وناري
نويت الصيام لما جئت اليكموا فصار عامي كله رمضان
رايت قوما اذا الهل ضيوفهم قالوا بوركت رابع الأركان
او جاء يوما لديارهم غرباء لطموا الخدود واعلنوا الأحزان
ماذا اقول عنهموا وديارهم من شحهم شاب بها الولدان
ليس من ضيق الحياه وانما جوع فتت الأكباد وارمد العينان
لا يعرفون الي المعالي مركبا لو خطب فيهم علي والشيخان
اشهدك ربي اني ابغضتهم بغض الكريم ان لم يكرم انسان
من قال ان الشح يغني اهله شح مع يسر لا يجتمعان
من كان يرجو وصل قوم مثلهم كعشم ابليس في جنه الرحمن
ان النيران تأكل بعضها فلا ماء يرجي من النيران
لو مر حاتما يوما بديارهم لهدم البيوت وزلزل الأركان
عيشوا كراما او موتوا فأنما الكرم شعبه من هدي الأيمانِ
المولي جلا جلاله وصف الحبيب بالجود والبر والأحسان
هذي مناقب قوم صار خليلهم شح اضاع العقل واتلف الابدان
ربي لا تجعل مماتي بينهم واختم حياتي بينهم بامان
ابن الكرام بينهم ممقوت وباب اللئيم بينهم مزدان
اخاف ان حانت منيتي بينهم ان يأكلو لحمي بغير توان
وما ان انتهيت من ابياتي حتي ساد بيننا الوجوم فقلت هذا قدر محتوم وقمت الوذ بالفرار فنادت سيده الدار الغداء يا فتاه قلت لا اراكم الله مكروها في غدا فلنؤجله الي العشاء واستأذنت في عجل وقد ساد جو من الترقب والوجل وظن القوم انني اعنيهم بأشعاري ولم يفلح اعتذاري بان هذا من تأثير الجوع ومرقت كما يمرق السهم من الرميه وعدت الي بيتي الميمون وعاهدت نفسي علي عدم معاوده الجنون والسفر والترحال وهكذا تنتهي هذه المقامه واثرت العوده والسلامه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق