- الفايد " مصر "
**************
((( مع قصيدة الكوليرا لنازك الملائكة ٠٠ !! )))
" سكن الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا ٠٠ "
-------
ذات مساء أثناء لحظات العزل و الحظر والصمت الذي يخيم علي الناس شرقا وغربا في العالم كله حالة ذعر وقلق وضياع لم يعد هناك نظرة للمستقبل ، إلا الأمل الوحيد الا وهو الرجوع الي الله عز وجل ٠
فالجميع مل من أوهام المدنية الزائفة، وصوت المدافع و الصراعات و حالة الحرب ، لم يتنفس يوما ساعة سلام حتي مع النفس ، و نشرات الأخبار لا تكف عن فيروس ( كورونا ) ٠
عندئذ تذكرت هذه السانحة ، كل فترة في التاريخ ينزل و باء و بلاء و غلاء يعم العباد و البلاد بعد موجة فساد مادي و معنوي هكذا ٠٠
بداية من طاعون عمواس ، و الحروب العالمية ، و انفلونزا إسبانية٠٠ و طيور و خنازير و خفافيش ٠٠٠ هلم جرا ٠
و الكل يتهم بعضه البعض من أجل بيع المصل و اللقاح و ضرب الاقتصاد ٠٠ الخ ٠
فراجعت ديوان نازك الملائكةرائدة التجديد و عاشق الليل ، و من ثم وتوقفت مليا مع قصيدة الكوليرا ، التي تعاطفت مع شعب مصر عام ١٩٤٧ م ، عندما نزل بها داء الطاعون و الوباء وحدثت أمور وخيمة ، صورتها وجسدت ملامحها شعرا وصفا حزينا لتلك الفاجعة و المأساة للمدن و الشوارع و أشلاء الناس وضياع الحلم ٠٠ هكذا تبقي السوانح عالقة في الذاكرة ٠
حتي أن نازك الملائكة لعشقها لمصر اختارت أن تقضي باقي حياتها بمصر ، و تم دفنها بمصر ، أي حب هذا ؟!٠
مع قصيدة ( الكوليرا ) :
===============
هذه قصيدة " الكوليرا " للشاعرة العربية العراقية نازك الملائكة حيث تبحر بنا حول هذا الوادي العميق و مدن الاشباح وصوت الموت و سكون الليل ، ترسم صورة الفاجعة في عبقرية الكلمة و النغمة الحزينة ، فهي الشاعرة الأولي في نظم هذه القصيدة التي تتناول فكرة هذا الطاعون اللعين، فتقول في مطلعها :
سكَن الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى, موتَى, لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوُضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ ٠
و في النهاية لا نملك إلا سلاح الدعاء لكشف الغمة ورفع هذا الوباء و التخلي عن الصراعات ٠٠ يا رب اكشف عنا هذا البلاء ٠٠
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين ٠٠
آمين ٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق