الأربعاء، 16 يناير 2019

أنا الرشوة !! .... بقلم الأديب / مصطفى دهور


أنا الرشوة !!

أنا الأميرة ! أنا من تربعت على عرش كل القلوب ! اسمي مشتق من فعل ارتشى ، ولا يوجد على وجه الأرض شخص لايعرف هذا الفعل ، وقليل جدا جدا من الناس من لم يتعامل معه في حياته ! ولهذه الأقلية من الناس الذين لايعرفون هذا الفعل أدعوهم للتعرف عليه،ربما أعجبهم وبدأوا في التعامل معه ! نقول ارتشى الشخص ، أي أخذ مالا من غير حق ، لقضاء مصلحة ، أو إبطال حق ، أو إحقاق باطل. / شيء جميل ، أليس كذلك ؟
ترعرعت في كنف الزمان ، بين أحضان الناس ، وأصبحت أحتل مكانة هامة جدا في قلوبهم ، قبل عقولهم. أصبحوا يحبونني ويقدسونني ويكرهون كل من يكرهني أو يريد بي سوءا. كم كنت أفرح لما أراهم لايعيرون أي اهتمام لذلك الحديث النبوي الشريف ، والذي يقول بأن الراشي والمرتشي في النار !
إن الشيطان يحبني كثيرا ويعتبرني ذراعه الأيمن في تخريب عقليات الناس ، والقضاء على أخلاقهم ومبادئهم. هذا يفرحني جدا ويشرفني ! شرف لم ينله قبلي لا الكذب ولا النفاق ولا الغدر ولا الزور ولا البهتان . .
أحضر كل المؤامرات الدنيئة والإتفاقيات الرخيصة ، مما يزيدني فخرا واعتزازا بنفسي ! إن أفضالي كثيرة على الناس ! بفضلي أنا تقضى كل المصالح ، وبسهولة . . بفضلي أنا ، يضيع الحق من صاحبه ، ويحق الباطل ، فيكثر الظلم والفساد ، ويفقد الناس الثقة في بعضهم البعض ، وتعم الفوضى . . بفضلي أنا يضيع حق اليتيم ، وحق الضعيف ، وحق كل من لاحول ولا قوة له . . يالسعادتي بأحبابي الذين يعرفون كيف يستفيدون من ورائي !
لقد حاربوني وعلقوا في جل الأماكن العمومية
" لا للرشوة " ، لكنهم لم ، ولن يفلحوا أبدا .. فأنا متجدرة في النفوس والأذهان ، ومن المسحيل القضاء علي بصفة نهائية !
لن أطيل عليكم ، ودعوني أقول لكم ، وأنا في غاية السرور : أنا للعقول والقلوب بمثابة السوس للخشب .. أنا الإثم بعينيه . . أنا الإجرام . . أنا الرشوة !!
مصطفى دهور. أستاذ اللغة الفرنسية .
الدار البيضاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فن البوستات كمال العطيوى