عِـزَّة عَقِيمة .. للشاعر / د. سمير خليل
............................................
شَيَّبَتنِى عِزَّتِى فَخْرَ العُقودِ
كُلَّ عامٍ من تجاعِيدِ الخُدودِ
واشْتَعَلت قُرَّة القَرنَين شَيبا
قبْلما تَحظَى بأحْفاد الجُدودِ
إذ حَرامُ القُدسِ لا زالت عَقِيما
لم تَلِد للعُرْب حَقًا فى الوُجودِ
إننى القَوَّامُ فيها فاخْلعِينى
وادْفعِى في خُلعِها حُكم الوَدودِ
لو يُقيموا فيك شَرْعَ الغابِ إنا
من نُسورٍ لا حَمامِ الوَقودِ
رُضَّع النَّهدَين تخشاها الذِّئابُ
عن شَديدِ البَأس للوحْشِ الُّلدودِ
عِصْمَتى ليْست بيَدِّى والشُّهودِ
فاخْلعِيها أمَّتِى عنِّى وَجُودِى
وامْنَحِيها مَهْرها فى الخُلعِ عنِّى
من خِلاف الرأى إجْماع السُّجودِ
طَلِّقِى الإجْماع والبأس الشَّديدَ
من دُعاة القَولِ والفِعْلِ الشَّرودِ
طَلَّقِى لذَّاتِ دُنيا قبل يومٍ
لا يَرى يَدًا على قَطْفِ الوُرودِ
طَلَّقِى أمَّارة الأعْشَى بنَفسِى
من تَرَى الإذْعَان حُسْنًا بالقُدودِ
طَلَّقِى الأخْشابَ من يَدِّ السُّيوفِ
واجْعَليها مِن وَقودٍ للقُيودِ
طَلَّقِى الإبْلِيسَ خَنَّاس القُلوب
طلقى البتَّار من شَجْبِ الوُفودِ
طَلَّقِى أفواه كل الصَّامِتِينا
من يَجِفُّوا الدَّمع مِن صَفْع الخُدودِ
طَلَّقِى يُمناك من رَسْم الحُدود
واسْلمِى من فرقة السُّور الكَؤُودِ
طَلَّقِى الأحزان ما دامَت عَقِيمًا
زَوِّجِى الآمَالَ من فَرْحٍ ولُودِ
طَلَّقِى الخَدَّيْن حتى لا تُعزَّى
دَمعَة الأعراب من دمع الُّلحودِ
طَلَّقِى ذى القبر من عَدٍ تَوالى
يَلبسُ الأكْفان مِن كل القُيودِ
طَلَّقِى أعداء رَكْبى والمَسير
فالمنايا فى خُطى زور القُـعودِ
طَلَّقِى من ظُلمَة الحقِّ المُبين
من سنا الدنيا على نور الوَدودِ
طَلَّقِى من جاء عزَّى فى الشهيد
إنه الجلاد فى يدِّ الوِرودِ
طَلِّقِينِى أمتى من بأس تَداعى
لا يفُكُّ القُدس من ظُفر القُرودِ
طَلِّقِينِى أمتى غَدر الزمان
وامنَحِينى أمَّتى نَصر السُّعودِ
طَلِّقِينِى مِن هَمٍ قد ضاق ذرعًا
من وعود تُسمِنُ الخِذلان عُودى
زَوِّجِينِى أمتى رأيًا ولودا
يُنجب التحرير بِكرًا للخُلودِ
زَوِّجِينِى من طبول الحقِّ حتى
لا أنام اليوم فى الصَّمت الكَؤُودِ
زَوِّجِينِى أمتى نصر اتحادٍ
يوم حِطِّينٍ (ومِينا) الجُدودِ
زَوِّجِينِى نصر (أكتوبر) يُدوِّى
مِثل رَعْد المُزن فى قُطْب البُرودِ
خاطِباتُ العُقر ( ڤيتوا) فامنعيها
تُرسل القَوَّاد يَقْضِى فى العُهودِ
واطْلِقِى فى غُصَّة الحُلقوم إنَّا
زَفرَة الأنْفَاس مِن فِعْلِ الوُعودِ
حُلمنا عِلم اليَقِين الآن أنت
فانْظُرى الإشْراق فى كفَّ الجُنودِ
واحذرى من دمْعة التمساح ذاك
مَن يسيل الدمع من ماء رَكودِ
ما رأينا الدمع فى العينين يوما
جفَّهُ الأغراب فى ريح الوفودِ
إحذرى فى طلقة العُقر المُسمَّى
مُتعَة (الدُّولار) قَوَّادَ النُّقودِ
إمَّعًا فى صُحبَة النَّخَّاسِ ( يُورو)
تُتْخِم الأرْدافَ مِن أرْجاف عودِى
واحْذَرِى مِن شَاهِدِ البُهتانِ ( نِيتُو)
ثم ( وارْسو) صانعُ الزَّور الحَقودِ
من أنابوا مَجلسَ الإذْعان عنَّـا
فى زَواج الأُسْد مِن أهْل القُرودِ
زوَّجوا فى مجلس الأمْن الأصِيلَ
تَحْت حَدِّ السَّيفِ مِن عُقْر الوُجودِ
إنَّهُ القاضِى وخَصمٌ والشُّهودُ
إنه النَّخاس فى حُرِّ الحُدودِ
من يُولِّى دَوْحة الأعراب شوك
يَحصُد الأطفالَ من غُصْن النُّهودِ
بينَما الأشْواكَ فى البيْداءِ تُسْقَى
سَلسَبيلَ العَيْن فى ماءٍ الوُرودِ
فاحْذَرِى يا أمَّتِى من هَؤلاء
إنهُم هَمْسُ الأفاعِى والفُهودِ
لو يدُ الأعْداء مُدَّت بالسَّلام
فالبِسِى القَفُّازَ فى طُهْر الصُّدودِ
صافِحِيه الكفَّ وضُمِّى البِنان
واجعَلى عَينيكِ فى رأس الشُّهودِ
وارقُبى الكفَّيْن خِلسًا وانتِباها
ثم عُدِّى كل ظُفرٍ والجُلودِ
لا اتِّهامًا إنَّما حِرْصٌ يقولُ
ما رَأيْنا الذِّئبَ عَزَّى فى الأُسودِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق