أَيَــا بَـــحْــرُ
( البحر الطويل )
شعر : محمد رحيمي لفـسـيـسـي ( أخو صواف )
(من المملكة المغربية )
نَظَمْتُ هذه الْقَصِيدة رَدّاً على إِحْدَاهنَّ كَتبَتْ في تَعْلِيقٍ لهَا مايلي :
( تَخَلَّصْ يَا أخي من البحْر ونظام الشَّطْرَيْن ، فتِلْكَ أَسْمَالٌ بالية ).
رَكِـبْـتُ يـَرَاعاً فَـوْقَ أَمْـوَاجِـكَ الـزُّرْقِ
فَلَسْتَ بِمُضْنٍ ، مَنْ حَمَـاكَ ، وَ لاَ مُـشْـقِ
فَمَالِي سَمِعْتُ النَّـاسَ حَـوْلِـي تَأَفَّفُـواْ
وَ يَرْمُـونَ كَالْحَـياتِ سُـمّـاً مِنَ الشِّـدْقِ
كَأَنَّـا - عُرَاةً - نَسْبَـحُ الْيَوْمَ في الدّجَى
وَمِنْ حَـوْلِنَـا قَدْ حَفَّ جَـمْـعٌ مِنَ الْخَلْقِ
وَمَا قَالَ مِنْ أَهْـلِ الْبلاَغَــةِ وَاحِــــدٌ
فَمَا بَالُ ذُو جَهْلٍ ؟ وَمَـا بَالُ ذُو نَـهْـقِ ؟
أَيَا بَـحْـرُ وَشَّـاكَ الْـخَلِـيـلُ بِـمـَنْـطِـقٍ
فَصِـرْتَ فَـضَـاءً لِلـتَّـرَنُّــمِ وَ الْـعِـشـْـقِ
سُرِرْتُ وَ لِـي رُوحٌ دُمُـوعِـي تَرُجُّهَـا
كَعُـصْـفُـورَةٍ تَـهْـتَـزُّ مِـنْ دُفَـــعِ الْوَدْقِ
وَ لَيْسَتْ وَإِنْ عَـدُّواْ الْـجَـمَـادَ كَمَـيِّـتٍ
بِـمَـانِـعَـةٍ ذَاكَ الْجَـمَـادَ مِنَ النُّــطْـــقِ
وَلاَ نَعْـبَ نَـعَّـابٍ ، وَ لاَ صَوْتَ ضفْـدَعٍ
وَ لاَ زَعْقَ زَاغٍ ، في الظَلاَمِ ، بِلاَ حَــقِّ
تَـلاَطُمُ ذَاكَ الْـمَوْجِ يُـطْـرِبُ مَسْمَعِي
وَ يُحْدِثُ أَنْــغَـامـاً تُــؤَثِّـــرُ في عُـمْقِي
وَ إِنِّـي مِنَ ( الْحَلْوِي ) الْحَلاَوَةَ حَـامِـلٌ
وَمِنْ (حَافِـظٍ ) ذَاكَ الزُّلاَلَ ،وَ مِنْ ( شَـوْقِي )
فَعُدُّواْ بُــحُـورَ الشِّعْرِ جَهْـلاً مُرَكَّـبــاً
وَ عُـدُّواْ اتِّـبَـاعَ الْأَقْدَمِـيـنَ مِـنَ الْحُـمْـقِ
فَلَسْتُ بِـمَـنْ - لَمْزاً - يُحَـرِّكُ حَـاجِـبـاً
وَ لَسْتُ بِـمَنْ يُبْـدِي النَّـوَاجِـذَ كَالـسِّلْـقِ
وَ مَنْ أَكَّـدُواْ أَنِّـي أَرَدْتُ سِــبَـابَــهُـمْ
فَمَا فَـرَّقُـواْ بَـيْـنَ التَّـأَوُّهِ وَ الْـبَــصـْـقِ
بِـقُفْـلٍ نَرَى الْأَبْـوَابَ تُـغْـلَـقُ دُونَـنَـا
وَ تَكَـادُ لَنَـا الْأَبْـوَابُ تَشْكُـو مِنَ الْغَلْـقِ
وَ إِنَّـا - وَ أَبْــوَابٌ سِـوَاهَـا أَمَــامَـنَــا -
نَرَى هَـذِهِ الْأَبْــوَابَ تَــحْـتَــاجُ لِلـطَّـرْقِ
أَيَا أَصْدِقَـائِـي إِنَّ قَـلْـبِـي يُـحِــبُّـكُــمْ
وَ لاَ أَجْـتَـلِـي بَيْنَ الْقَـصَـائِـدِ مِنْ فَـرْقِ
وَ لَكِنْ إِذَا الْـغَـرْبُ اسْتَـعَـادَ جَـهَـالَــةً
نُقَلِّدُهُـمْ فِي جَهْلِهُـمْ ، نَحْنُ فِي الشَّرْقِ ؟
وَ مُسـْتَهْـدَفٌ - وَ اللَّهِ - عُـرْبٌ وَ مِـلـَّةٌ
وَ فِي الْـقُـبَّـةِ الزَّرْقَـاءِ رَعْـدٌ بِـلاَ بَـرْقِ
وَ تِلْكَ الَّـتِي فِي الْـبَـيْـتِ عَمْيَاءُ عَلَّقَتْ
يَا لَيْتَهَا تُـصْـغِـي لَـنَـا عِـنْـدَمَا نُلْــقِـي !
وَ لِـي حُـجَــجٌ ، وَ عِـنْـدِي أَدِلَّـــــةٌ
إِذا غَـضِـبَ الْأَصْحَابُ مِنِّي ، وَ مِنْ صِـدْقِي
فَمَا كَانَ دَوْمـاً فِي الْــجَــدِيـدِ تَـقَــدُّمٌ
وَ مَا كَانَ يَا قَوْمِي التَّخَـلُّفُ فِي الْعَـتْـقِ
وَ لَسْتُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ بِــغَــاضِــبٍ
إِذَا اسْتَـهـْزَأَ الْأَطْـيَـارُ مِنِّي ، وَ مِنْ ذَوْقِـي
أَنَـا الْـبُـلْـبُـلُ الْـغِـرِّيـدُ فِي كُلِّ وَاحَـةٍ
وَ مِنْ نَـخْلَـةٍ أَجْـنِـي ضُرُوبـاً مِنَ الْعِـذْقِ
وَ إِنِّـي لَـمِـعْـلاَقٌ نَــطَـقْـتُ بِــحَـالِـكُمْ
وَ إِنِّـي لَـجِـرِّىءٌ سَرِيـــعٌ إِلَـى السَّـبْـقِ
رَأَيْـتُـمْ دَمِـي مِنْ رِيــشَـتِـي مُتَـدَفِّقــاً
فَكَيْفَ جَـمِـيـعـاً تَسْـأَلُـونَ عَـنِ الْـعِـرْقِ ؟
شعري : مـحـمـد رحـيـمـي لفسـيـسـي ( أخو صواف ) .
( من المملكة المغربية )
الْيَرَاع : الْقَلَم - مُضْنٍ : مِن أضناه المرضُ أي أثْقَلَه - مُشقٍ : مِن أشقاه أي أوقعه في الشقاء - الشِّدْق : جانب الفم مما تحت الخد - الدُّجَى : الظلام - النَّهْقُ : النَّهِيق - وَشَّاكَ : زَيَّنَكَ - تَرُجُّهَا : تدفعها بشدّة - دُفَعٌ : ج دُفعةٌ من المطر : أي دُفْقَة - الْوَدْقُ : الْمَطَرُ - النَّعَّابُ : فَرْخُ الغُراب - الزَّعْق : الصياح - زَاغ : غراب - الْحَلْوي : الشاعر المغربي محمد الْحَلْوي - حافظ : الشاعر حافظ إبراهيم - شوْقي : الشاعر المصري أحمد شوقي - السِّلْق : الذِّئْب - أَجْتَلِي : أُبْصِرُ وأنْظُر - الْقُبَّةُ الزَّرقاء : السماء - العَتْقُ : مصدَر عَتَقَ الشَّيْءُ : قَدُمَ - الْعِذْقُ : قِنْوُ النَّخلة - الْمِعْلاَقُ : اللِّسَان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق