تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك - الفايدي ( مصر )
===============
((( حب الوطن في الشعر العربي ٠٠!! )))
منزله .
وَلِي وَطـَـنٌ آلَيْتُ أَلاَّ أَبِيعَـهُ وَ أَلاَّ أَرَى غَيْرِي لَهُ الدَّهْرَ مَالِكا
عَهِدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً كنِعْمَةِ قومٍ أصبحـوا في ظِلالكا
3 - فقد ألِفـَـتْهُ النفسُ حتَّى كأنه لها جسدٌ إنْ بانَ غودِرْتُ هالكا٠
" ابن الرومي " ٠
وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ * نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي
" أمير الشعراء أحمد شوقي " ٠
--------
في البداية الحديث ذو شجون عن كلمة ( وطن ) مفردة جميلة شعور تهز الوجدان فينبض القلب كالزرع الذي يمسه الماء بعد ظمأ في اخضرار و حنين ، و لم لا فالوطن أصل المواطن و عنوان و شخصية الانسان أنها عبقرية المكان ٠
فعندما أتأمل هذه الكلمة الساحرة في الفكر و البيان المكونة من حروف موسيقية رقيقة " و ط ن " اعلم لماذا يكررها الإنسان مناديا في حله و ترحاله و في اقامته و هجرته و منفاه ٠٠
بالوطن رمز للحياة بكل المعطيات فحبه عشق و معاناة ، و بغضه فسق و ملهاة ٠٠
و كفي أن حبه بات يقينا للقاصي و الداني من ( الإيمان!! ) ٠
نعم لك العز و المجد و الكبرياء و الخلود ( يا موطني ٠٠ ) ٠
انت الحب و انت الدار و السكن و الحياة ٠٠
معك أتحمل الصعاب في وقت اليسر و العسر و السعة و الضيق و الخير و الشر ٠٠٠
و الله اني لأحبك بصدق بدون مقابل فقد ولدت بين ظلالك و ظلني سماؤك و تنفست هواك و شربت من نهرك و تعلمت بين جدرانك فيك فرحي و حزني ٠٠
و كفي أن اوصاني بك ربي و رسولي في السنة و القرآن ٠
و جعل من مات دونه ( شهيدا مخلدا حيا يرزق الجنان مع النبيين و الصديقين ٠٠ ) ٠
هذه كانت كلمات تدفقت من الأعماق لحظة الكتابة دون توقف و الدموع تجري بين خريطته الحسناء قلب و ضمير و فجر التاريخ و الانسانية منذ بداية الوجود عندما صاغه الواجد الرحمن ٠٠
فمصر قد ذكرت في القرآن الكريم في مواطن كثيرة و السنة النبوية الشريفة و فيها رسالة معاشر الأنبياء و المرسلين و فضائلها لا تعد و لا تحصي ، و كفي أن قال الله عز وجل عنها :
" ادخلوا مصر أن شاء الله آمنين " ٠
و نجدها خير اجناد الارض و اهلها في رباط ، كنانة الله ، هبة الله ، هبة النيل، و الحديث يطول و يطول لكننا نتوقف في خواطرنا في عفوية تجسد مشاعرنا الحقيقية لمصر المحروسة ٠٠٠
و يبقي للشعر هنا كلمة
* ( معني كلمة وطن ) :
كلمة وطن تعني دلالات كثيرة و معاني عدة معنوية و مادية تحتاج بحث منفصل ٠
فهي الدار و السكن ٠٠
و في القاموس اللغوي ٠٠
تُجمعُ كلمة وطن على أوطان، وتعني في اللغة مكان إقامة الإنسان واستقراره، حيثُ ينتمي إليه سواءً أكان مسقطَ رأسه أم لم يكن..
* الوطن في الشعر العربي :
----------------------
و الخلاصة كما فسره د. جمال حمدان في كتابه "شخصية مصر" حيث قال فيه :
إن الوطن علاقة بين الجغرافيا والتاريخ، وأنه دراسة في عبقرية الزمان والمكان كما ذكرَ أنّ الوطن هو الحضارة وإبداع الإنسان عبر القرون، كما عرّج على أنّ الوطن عبارة عن مشاعر، ومن يعرف المعنى الحقيقي للوطن يتولد فيه الانتماء إليه، وتتولد عنده طاقة إيجابية تحُثّه على العمل والإنتاج والتفاؤل رغم كل الأزمات والمشاكل.
و من ثم أجد :
و الوطن و المواطنة شيء واحد لا انفصام فيه و لا يباع و لا يشتري فكيف تحرقه و تهدمه من أجل أفكار و منافع خاصة خارج ثوابتنا و ثقافتنا العربية و الإسلامية جهلا و تعصبا ٠٠
و يقول ابن الرومي :
ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ . . . . وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً . . . . كنعمةِ قومٍ أصبحُوا في ظلالِكا وحبَّبَ أوطانَ الرجالِ إِليهمُ . . . . مآربُ قضاها الشبابُ هنالكا إِذا ذَكَروا أوطانهم ذكرَّتهمُ . . . . عهودَ الصِّبا فيها فَحنُّوا لذاكا فقد ألفتهٌ النفسُ حتى كأنهُ . . . . لها جسدٌ إِن بان غودرَ هالكا
و يقول الأعرابي عن وطنه :
ذكرتُ بلادي فاسْتَهَلَّتْ مدامي . . . . بشوقي إِلى عهدِ الصِّبا المتقادمِ حننتُ إِلى أرضٍ بها اخضرَّ شاربي . . . . وقطِّع عني قبل عقدِ التمائمِ٠
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي و بلا وطني لقيتكَ بعد يأسٍ . . . . كأني قد لقيتُ بك الشبابا وكل مسافرٍ سيؤوبُ يوماً . . . . إِذا رزقَ السلامة والإِيابا وكلُّ عيشٍ سوف يطوى . . . . وإِن طالَ الزمانُ به وطابا كأن القلبَ بعدَهُمُ غريبٌ . . . . إِذا عادَتْه ذكرى الأهلِ ذابا ولا يبنيكَ عن خُلُقِ الليالي . . . . كمن فقد الأحبةَ والصِّحابا ٠
و يقول شاعر القطريين خليل مطران :
بلادي لا يزالُ هواكِ مني . . . . كما كانَ الهوى قبلَ الفِطامِ أقبلُ منكِ حيثُ رمى الأعادي . . . . رُغاماً طاهراً دونَ الرَّغامِ وأفدي كُلَّ جلمودٍ فتيتٍ . . . . وهى بقنابلِ القومِ اللئامِ لحى اللّهُ المطامعَ حيثُ حلتْ . . . . فتلكَ أشدُّ آفات السلامِ ٠
و يقول مصطفى صادق الرافعي عن الوطن " بلادي " :
بلادي هواها في لساني وفي دمي . . . . يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ . . . . ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها . . . . يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ . . . . فآواهُ في أكنافِهِ يترنم وليسَ من الأوطانِ من لم يكن لها . . . . فداء وإن أمسى إليهنَّ ينتمي على أنها للناس كالشمس لم تزلْ . . . . تضيءُ لهم طراً وكم فيهمُ عمي ومن يظلمِ الأوطان أو ينسَ حقها . . . . تجبه فنون الحادثات بأظلم ولا خيرَ فيمنْ إن أحبَّ دياره . . . . أقام ليبكي فوقَ ربعٍ مهدم وقد طويتْ تلك الليالي بأهلها . . . . فمن جهلَ الأيامَ فليتعلم وما يرفع الأوطانَ إلا رجالها . . . . وهل يترقى الناسُ إلا بسلم ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ . . . . على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ . . . . إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم٠
و نختم بمقطع للشاعر الكويتية الدكتورة نوره المليفي ٠٠
حيث تبث مشاعرها بحرقة تجاه الوطن فتقول:
آه وآه يا وطن هل في الجوى حب سكن يروي بصدق ما حدث يسمو بعز قد أذن حب دفين قد خلد من أجل خير للوطن ٠
***
نعم ان مفهوم الوطن في الشعر العربي لا يوجد شاعر و لا قصيدة الا و تحمل بين أبياتها ( الوطن ) كالجنين في بطن أمه الحنونه ، بل إن صورته منقوشة علي الجبين لا تفارقه أبدا في شتي الأحوال قربا و بعدا فرحا وحزنا معا ٠
ففكرة الوطن بين الحب و الولاء و الانتماء تتسع من المنزل الي الدولة في مفهومنا المعاصر ٠
و ان الوطنية ينبوع التضحية بين ربوعه بالوطن غالي و حبه من الإيمان لمن كان له قلب أو ألقي السمع و هو شيهد ٠٠
فحل الوطن من الإيمان و هو رمز لك القيم هكذا يكون دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله ٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق