
الحلقة السابعة عشر ... من برنامجكم الرمضانى اليومى " قطوف وأزهار من نوادر الأخبار " والذى يقدمه لكم فضيلة الشيخ محمد شرف الكراديسي الداعية الإسلامى والباحث فى السيرة النبوية العطرة ...
وكل عام وجميع الأمة الإسلامية بخير وسلام ...
اللهم احشرنى في حواصل الطير
يقول أبوقدامة أحد قادة المسلمين في غزواتهم ضد الروم كنت أميراً فدعوت إلى الجهاد في سبيل الله فجاءت امرأة بورقة وصرة ففضفضت الورقة لأقرأها ولأنظر ما فيها فإذا في تلك الورقة :
بسم الله الرحمن الرحيم من أمة الله المسلمة إلى أمير جيش المسلمين سلام الله عليك أما بعد :
فإنك قد دعوتنا إلى الجهاد في سبيل الله ولا قوة لى على الجهاد ولا مقدرة على القتال وهذه الصرة فيها ضفيرتى فخذها قيداً لفرسك لعل الله يكتب لى شيئا من ثواب المجاهدين .
يقول أبو قدامة : فشكرت الله على توفيقها .
وعلمت أن المسلمين يشعرون بواجبهم ويتكتلون ضد أعدائهم فلما واجهنا العدو أبصرت صبياً حدثاً ظننت أنه ليس أهلاً للقتال لصغر سنه فزجرته رحمة به .
فقال : كيف تأمرنى بالرجوع وقد قال الله تعالى :
انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41) التوبة .
قال أبو قدامة : فتركته . ثم أقبل علىَّ وقال : أقرضنى ثلاثة سهام . فقلت له وأنا معجب به ومشفق عليه : إنى أقرضك ما تريد بشرط أن تشفع لى إن منَّ الله عليك بالشهادة .
- كنت أشعر نحوه بمحبة وتقدير –
فقال : نعم إن شاء الله .
فأعطيته السهام الثلاثة ثم أقبل على العدو في قوة وحماس وما زال ينال من أعدائه وينالون منه حتى خرَّ صريعاً في ميدان القتال .
وكانت عينى لا تفارقه طوال المعركة إعجاباً به وإشفاقاً عليه –
فلما خرَّ صريعاً أقبلت عليه وسألته : هل تريد طعاماً أو شراباً .
فقال : لا إنى أحمد الله على ما صرت إليه ولكن لى إليك حاجة .
فقلت له : ليس أحب إلىَّ من قضائها يا بنى فمرنى بما شئت .
فقال وهو يلفظ أنفاسه الطاهرة : أقرئ أمي منى السلام ثم ادفع إليها متاعى .
فقلت : ومن أمك أيها الشاب ؟
قال أمي هي التي أعطتك شعرها ليكون قيداً لفرسك حين عجزت أن تقاتل بنفسها في سبيل الله ، قلت : بارك الله فيكم من آل بيت . ثم فارق الحياة . فقد قمت نحوه بما يجب فلما دفنته لفظته الأرض فعاودت دفنه مرة أخرى فلفظته الأرض أيضاً فأعمقت له في الحفر ثم دفنته فلفظته الأرض مرة ثالثة .
فقلت لعله خرج بغير رضاء أمه فصليت ركعتين ودعوت الله أن يكشف لى عن أمر ذلك الغلام فسمعت من يقول لى : يا أبا قدامة دع عنك ولىَّ الله فتركته وشأنه وعلمت أن له مع الله حال .
وبينما نحن كذلك إذا بطير قد أقبل فأكله فتعجبت كثيراً ثم رجعت إلى أمه تنفيذاً لوصيته .
فلما رأتنى قالت : ما وراءك يا أبا قدامة . هل جئتنى معزياً أم جئتنى مهنئاً ؟
قال لها : وما معنى ذلك ؟
فقالت : إن كان ابنى قد مات جئتنى معزياً . وإن كان قد قتل في سبيل الله وظفر بالشهادة فقد جئت مهنئاً .
فقصصت عليها قصته وأخبرتها عن الطير وما فعلت به .
فقالت : لقد استجاب الله دعاءه .
فقلت لها : وما ذاك ؟
فقالت : إنه كان يدعو الله في صلواته وخلواته ويقول في صباحه ومسائه : اللهم احشرنى في حواصل الطير .
فانصرفت عنها وقد علمت لماذا كتب الله لنا النصر على الأعداء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق