الخميس، 19 يوليو 2018

عشق الملكات (الحلقة الخامسة) ... بقلم / سحر الصيدلي


عشق الملكات (الحلقة الخامسة) 
هرعت الملكة مسرعة وأحضرت لدعاء عطراً تستنشقه ومسحت رأسها بماء بارد وحاولت معها جاهدة حتى استردت وعيها ثم أسعفتها بكوب شاي دافىء لتستعيد نشاطها ..أحست دعاء بالخجل من نفسها ومن حالتها التي انكشفت دون إرادة منها.. وأخذت تقول لنفسها من المؤكد أن أم إبراهيم أحست بطرقات قلبي نحو ابنها ...بماذا علي ان ابرر سبب انهياري هذا؟!! وبابتسامتها الساحرة سألتها الملكة :هل أنت مريضة يا بنتي ؟! ..لالا لكنه إجهاد بالعمل وسهري لتحضير الماجستير جعل الإرهاق رفيقي ولكن كل شئ سيعود إلى الأحسن و الآن استأذنك سيدتي بالانصراف وأتمنى عودة إبراهيم سالما ...أشكرك يا دعاء ودعي رقم هاتفك معي لنتواصل دائما واطمئن عليك إن لم يكن لديك مانع...أبداً أبداً سأكون سعيدة ..وودعتهما الملكة بحفاوة على أمل اللقاء بهما قريباً ...وخرجت دعاء من بيت إبراهيم وهي تجر ذيول الخيبة و تلملم انكسارات قلبها وتحاول أن تنتزع من جسدها فيروس ذلك الحب الذي قتلها دون رأفة وهي تقول لنفسها مؤكد أنه كان يعبث بي ويتلاعب بمشاعري .. كيف يبوح لي بحبه ويعلقني به ثم يعود ليعتذر عن حبه ويطلب مني نسيانه دون إبداء أي أسباب ثم يغلق صفحته على الفيس ويسافر فجأة ودون كلمة وداع؟! هل كان يخدعني ؟! هل كان يتسلى بي ؟! أخذت دعاء تسير وتسير دون هدى ودموعها تتساقط من عينيها وصوت هناء من خلفها يتردد في أذنها لقد نصحتك بالابتعاد عنه فهو شاب غامض وابن ثراء فاحش فمن المؤكد أنه لن يناسبك ..انتظري نصيبك الذي كتبه الله لك وارضي بالقضاء والقدر وعودي لنا كما كنت سابقا الفتاة التي تحب الحياة ولا تعرف المستحيل واجعلي من تجربتك هذه حافزاً لك للتقدم والنجاح واثبات الذات ..وأريد منك عهدا أن تنسيه وتأخذي درسا من تجربتك هذه..لم تدعها دعاء تكمل كلماتها فأوقفت سيارة أجرة وقالت للسائق إلى النيل لو سمحت...وصوت هناء من خلفها يصرخ الى أين يا مجنونة دعيني اركب معك وأخذت تركض خلف السيارة وأنفاسها تلهث من التعب لكن دعاء كانت قد حزمت أمرها وقررت أن تكون ملكة نفسها .. ستجمع آلامها وأحزانها ومشاعرها وخفقات قلبها ودموع عينيها وسهر الليالي وكلمات الحب والغزل ومعهم أنوثتها وتلقي بهم في مياه النيل لعل موجة غاضبة تجرفهم الى القاع فتغسل دموع أشواقها وتنزع العشق من قلبها فيعود له الصفاء والنقاء كما كان قبل أن تتعرف على إبراهيم .. وقفت دعاء أمام النيل وهي تنظر إلى الأفق البعيد فرأت وجه أمها بقسماته الحنونة فترقرقت عيناها بالدموع وهتفت أين أنت يا أمي ؟! أنا في أمس الحاجة إليك ؟! لم تركتني وحيدة في هذا العالم الكئيب ؟! خذيني إليك فقد سئمت هذه الحياة !!.. وساقها تفكيرها للحظات لأن تعانق بجسدها مياه النهر وتكون غذاء لحيتانه لكن عقلها تدخل في أخر اللحظات ليحميها من شر تلك الوساوس التي كادت أن تقضي على حياتها للأبد... فاستغفرت ربها ثم خاطبت الزمن قائلةً له سامحني ايها الزمن لانني حاولت أن أعاندك وأتخطى حدودي معك وأصر على موقفي وأتحداك لأفوز بالحبيب الذي أصبح وهماً وسراباً .. سأعود لأحضانك طفلةً مطيعة تأتمر بأمرك ولا تتجاوز حدودك .. ثم همست للنيل ببضع كلمات واستودعته كل اسرارها ولملمت جراحها ونزيف معاناتها وخيبة الحب ودخان الأمل ورماد الفشل وعانقت الصمت .. فلم يبق أمامها سوى أن تنتظر أمطار الحظ من جديد وان ترسم ابتسامة على الشفاه لتعينها على المسير في هذه الحياة... وبعدها سيكون بوسعها أن ترسم لوحة مخضبة بالوان الزهر تجدد بها حياتها وعهدها مع نفسها أن يكون العلم هو أولى أولويات حياتها.. به ستروي عطشها للأمان ..فالغد ما عاد مضموناً طالما أن الحاضر أفقدها نبضات قلبها وسرق منها ابتسامتها وأحلامها وهمسات حبها .. وعادت الى بيتها وفي عينيها بقايا من دموع تعبر عن لوعة الفراق وحرقة الأشواق ثم ما لبثت أن فتحت الفيس على صفحة إبراهيم وأخذت تناجيها وهي تبكي وتشتكي لها من غدره ومن جنون عشقه .. ثم أغلقت الصفحة وهي تلتمس من الله ان يمنحها الصبر والقوة والأمل لكي تبدأ مشوار حياتها من جديد وتشغل نفسها بالعمل و التحضير للماجيستير فما عاد الفيس من هواياتها ولا الثرثرة مع الاصدقاء متعتها فقط هناء هي توأمها الوحيد التي تتبادل معها الأسرار وما تنبض به الأحاسيس وهي لها الحارس الأمين..وكانت مؤمنة ان الله سيعوضها خيرا عن تجربتها الأليمة مع ابراهيم وان الصباح المشرق بانتظارها .. ومضى شهران على هذا الفراق المؤلم والحزين وبينما كانت جالسة في أحد الأيام مع هناء تتحدث معها عن الموضة والموبايلات وتسترجع معها ذكريات الطفولة وما كان بها من مواقف طريفة تثير الضحك إذا بصوت يعلو صوت ضحكاتهما برنين يأبى أن ينقطع فاندهشت دعاء عندما ظهر لها اسم الطالب والتفتت الى هناء بارتباك ودهشة فخانتها تعابيرها في أدق اللحظات وأومأت لها أن تقرأ الرقم فرددت هناء ..انها والدة ابراهيم ماذا عساها تريد منك؟؟ لا تدعيها تنتظر اكثر من ذلك ردي عليها بسرعة وكوني لطيفة معها..وفعلا ردت دعاء على أم ابراهيم بأدب واحترام لتجد صوتها حزيناً يبكي دون صوت ويدمع دون دموع وحروفها ثلجية خالية من دفء الكلمات فسيطر الخوف على قلبها وسألتها باستعجال ..ما بك يا خالة ما المشكلة؟؟؟!! اسمعي يا دعاء لن أستطيع أن أتكلم معك على الهاتف اريد مقابلتك غدا في مكان عام بعيداً عن بيتي وهناك سأقول لك كل شئ...الى اللقاء أغلقت دعاء هاتفها والحيرة تنهش عقلها وفكرها والخوف يرسم معالمه على وجهها وانتابتها حالة من الهذيان حتى بدأت تكلم نفسها دون أن تعير لنظرات هناء أي اهتمام الى ان صرخت عليها بصوت مرتفع اخبريني ما المشكلة وما ذا تريد منك والدة ابراهيم..ردت دون تركيز لا ادري سوى انها تريد رؤيتي غداً لأمر هام لكن صوتها مليء بالحزن والالم واتفقت معها على موعد للقاء.. هذا كل ما حصل..فردت هناء غداً نعرف كل التفاصيل .. هل تودين أن أكون برفقتك ؟؟لالا سأغادر عملي لساعة واحدة أقابلها ثم أعود وبعدها اخبرك بكل التفاصيل..كما تشائين يا دعاء وانا بانتظار مكالمتك .. مر الليل طويلا على دعاء وكأن الفجر يأبى أن يشرق وان يتسلل نوره الى غرفتها لتهم مسرعة ببراق الشوق وتقابل أم الحبيب الذي يسري حبه في كيانها ونبضه في خلايا جسمها وهمساته محفورة في ذاتها ورسمه لا يفارق خيالها ..أه ايها الحبيب أما آن لك أن تشفق على حالي وعلى طوابير أشواقي من هذا العذاب الذي يعصف دون هوادة بجدران قلبي ...كم مؤسف أن ينتهي ما بيننا ..غداً سأعرف من والدتك كل التفاصيل ..
إلى اللقاء في الحلقة القادمة
مع تحيات سحر الصيدلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فن البوستات كمال العطيوى