الخميس، 26 يوليو 2018

إلى الغائبة التي لا تغيب.......... بقلم الأديب / خالد سليمان

إلى الغائبة التي لا تغيب ، وإلى الراحلة التي لم ترحل ، إلى زوجتي رحمها الله : أهديها تلك الخاطرة بمناسبة مرور ثلاث سنوات على وفاتها ، في مثل هذا اليوم 26 - 7 - 2015 م
--------------------------------------
اليوم هو أطول يوم في التاريخ
يوم بدأ منذّ ثلاث سنوات عجاف ولم ينته يعد ، ولن ينتهي .
يوم أشرقت الشمس فيه دامعة حزينة ، وغابت في منتصف النهار ،
ومازال اليوم مستمرّا بلا شمس وبلا غروب ،
تسمّر الزمن في عينيّ وفي حياتي ؛ فقد رحلت سيّدة الحضور فيه ،
رحلت زوجتي - رحمها الله - عزّ وجلّ - ورحم أموات المسلمين جميعا يارب
غابت الغائبة التي لا تغيب ، والراحلة التي لم ترحل ولن ترحل
أهديها هذه الكلمات الدامعة والنبضات الباكية ، عسى الله أن يرحمها ويجمعني بها في الفردوس الأعلى من الجنّة ، أنا وكل المسلمين جميعا يارب
***************************************
أحقّا مرّت ثلاث سنوات عجاف على غيابك ؟ بقلم : خالد سليمان
************************************************
تلوح ذكراك كالعطر الثمين ينثر حضوره في المكان
وإذا رحل بقي حضورك يقتل أي غياب !
فأنت هبة ربّي إليّ يا نفسي ويا روحي
جنّة الدنيا أنت .
ومن حسن ظنّي بربي أن تكوني فردوسي الجميل في الآخرة
أتخيّل ذلك وما ذلك على الله بعزيز
كنت بيتي الجميل وحلمي الجميل
وبعد رحيلك فقدت جدراني وسقفي وذاب حلمي في إناء حزني
كيف عشت لحظة بعدك ؟؟؟!!!
كيف حملتني سفينة العمر إلى موانئ لست فيها ولحظات لست أميرتها ؟؟؟!!!
آه وألف آه من حرقة الألم
حين يتلخّص كلّ الناس في ملامحك
وحين تسكن السعادة في ثنايا نظرتك
وحين أتوسّد وسادة الراحة والأمان معك
وحين تهون كل مصاعب الحياة مهما عظمت في ظلالك
الآن ، غاب كلّ الناس
ورحلت السعادة إلى غير رجعة
وتحولت وسادتي إلى صخرة ملتهبة وفراشي إلى غابة شوك
كانت حروفك تروي ابتسامتي فإذا سمعتها اهتزت شفتاي وربت
ومالت أغصاني وأورقت لحظاتي بالفرح
وهتفت روحي جاءت سلوى جاءت نفسي وروحي
الآن اعشوشب الحزن على صخور أيّامي
والمؤلّم أنّي أتألّم وحدي وأتعلّق بربّي خالقي ورازقي فهو الذي أنعم بك عليّ
فالحمد لله على نعمة اسمها سلوى
الآن ساعات زمني متوقفة عند محطة غيابك
وكلّ اللحظات بدونك وجبة ألم يومية أعتاش عليها
سبحان من خلقك من نفسي
سبحان من جعل بيننا مودة ورحمة
صدق رسولنا الكريم - صلّى الله عليه وسلّم - حين قال : الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة .
تسقط الدنيا بجوارك ،
ويرخص ذهب العالم أمام قلامة أظفارك
ويسقط الحرير واللؤلؤ أمام جمال روحك
أي جمال هذا ؟؟!
جمال يتعدّى حدود الأنظار والعيون ، ويفوق الألوان والصور
جمال يشرق في داخلك ويلوّن ورد عمرك بالرضا والفرح
جمال تجهله العيون بينما تحسّه القلوب وتألفه
مهما كان جمال الملامح فالروح الطيّبة هي التي تلوّنه
وهي التي تعطي شحنة الصدق للملامح فتبدو صادقة جميلة .
أما الروح الخبيثة فهي ترشّ خبثها على النظرة مهما كان جمال العينين
وتزوّر شفتيها بأحمر الشفاه الكاذب مهما كانت أناقة الشفاه
وتلوّن ابتسامة النفاق مهما كانت وسامة البسمة
كم هو مؤلم حقا ؟؟!!
أن تمضي لحظة دون أن يكون ظلك بيتي
وأن يكون قلبك وطني
كم هو مزعج حقا أن تزدحم الأصوات في أذني وألا أسمع صوتك ؟؟!!
لكنّ قلبي مكتبتك المرئية والمسموعة يحفظ تفاصيل التفاصيل
كنت أظنّ مرور الأيام سوف ينسيني ألم سكين فراقك
ولكنّك حضرت في عمري أكثر
وزرعت ذكرياتك في ثوب لحظاتي أكثر وأكثر
كنت لروحي المتعبة السند
وكنت ومازلت أجمل وأعذب النعم التي أفاض الله بها عليّ
وكنت لأوجاعي ستر ودواء وشفاء
الكلمة ليست حلوة إلا منك وليست حلوة إلا لك
ولحظاتي لا تحلو إلا بك
كلماتك روح تسري في مواقفي وحياتي
حين نكون معا وحولنا آلاف وآلاف لا يعلم أحد أننا نبحث معا عنّا
وحين تأتي لحظات التقاط الصور كنت حريصا أن تجمعني كل صورة بك
أيّ لحظة لست فيها معي هي بحث عنك
الآن وآه وألف آه من طلّتي الباهتة
بسمتي مالها شفاه
وخطوتي ليس لها وطن
وسمائي سافرت معك
وضحكتي جمعت حقائبها واصطحبتك
وألواني رصّت ألوانها وغلّفت أقلامها وكتبت على الغلاف : ماتت الألوان
وورودي التي أغلقت نوافذها وانطفأت حزنا عليك
ماذا أقول عنك بعد ثلاث سنوات ؟
لا أقول سوى أنت سيّدة الحضور وملكة الحاضرين والحاضرات
اللهم كما جمعتنا في الدنيا وجعلت بيننا مودّة ورحمة اللهمّ اجمعنا في الآخرة
اللهم أقرئها منّي السلام فأنت الآن بيني وبينها
اللهمّ زينها بالسندس والإستبرق
اللهم أكرم نزلها
اللهمّ آنس وحشتها يا كريم

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فن البوستات كمال العطيوى