رحلة السنين
بدأت الطائرة فى الزحف والتحرك ببطء على أرض المطار وعلي أصوات محركاتها حتى غطى على كل شىء حولها .وأخذت ترتفع تدريجيا حتى تلاشت أضواء المطار والبنايات التى حوله وبدت مجرد نقطة بعيدة ملألأة حتى أختفت تماما
وبدأت الطائرة تشق عنان السماء وتزداد سرعتها حتى اصبحت فوق السحاب البيضاء والقريبة جدا حتى ليشعر المرء أنه يكاد أن يلمسها وإنطفأت الأنوار داخل الكابينة إلا من بعض الأضواء الخافتةوعلي صوت كابتن الطائرة فى الميكروفون الداخلى من كابينة القيادة يرحب بالمسافرين ويعرفهم بنفسة وبالطاقم المعاون له متمنيا لهم رحلة طيبة على متن خطوطهم الجوية وبعدها بدأ طاقم الطائرة فى شرح تعليمات السلامة والأمان ومخارج الطوارىء على الطائرة والتنبية على الركاب بعدم التحرك من أماكنهم أثناء الإقلاع وعدم فك أحزمة المقعد إلا بعد ظهور العلامة التى تفيد بذلك والتى تظهر خلال شاشة الكمبيوتر المثبت فى المقعد الأمامى
بدأت سمر تتململ فى مقعدعا وهى مثبتة نظرها على المقعد التى أمامها فى انتظار ظهور تلك العلامة اللعينة لتتخلص من حزام المقعد والذى يحيط بوسطها ويشل حركتها تماما وتتلو الصلوات والأدعية فى داخلها حتى تنتهى تلك اللحظات وتهدأ تماما وأفاقت سمر من شرودها على ذلك الرنين المحبب إليها وظهرت العلامة الخضراء أمامها والتى تفيد بفك حزام المقعد وقتها فقط بدأت تهدأ فى جلستها وتسترخى ومدت يدها والتقطت الكتيب الخاص بشركة الطيران والموضوع فى الجيب الداخلى للمقعد الذى أمامها لتتعرف على الخدمات الموجودة على الطائرة ولم تنسى أن تتأكد من وجود الكيس الخاص بحالات القىء والموجود خصيصا لذلك فى جيب المقعد فى حالة لو أصابتها نوبة الغثيان وإضطرت لأستعمالة
وبعد أن أطمأنت إلى كل شىء وبدأ طاقم الطائرة فى التحرك فى الممرات لتلبية طلبات الركاب والتى بدات أصوات همهمتهم والأصوات الصادرة من مطبخ الطائرة استعدادا لتقديم وجبة الطعام تغطى على صوت محركات الطائرة
أسندت سمر رأسها على الشباك وأغمضت عينيها واخذت تفكر بهدوء فى مهمتها والتى استدعت سفرها على وجه السرعة إلى ألمانيا .
رفعت سمر رأسها بضيق ونظرت إلى وجه المضيفة التى أخذت تبتسم لها بلطف وتسألها إذا كانت تشعر باى تعب أو تريد منها إحضار أى شىء بادلتهاسمرالأبتسام بإبتسامة سريعة مصطنعة بذلت مجهوداً كبيراً فى رسمها على وجهها وطلبت منها فقط إحضار كوب من الماء وحبة للدوار والتى ألقتها سريعا فى فمها .
ثم عادت وأسندت رأسها على شباك الطائرة وشردت بعيدا كان حلم حياتها أن تسافر لألمانيا ودخول الجامعةهناك كما وعدتها أمها فى خطابتها ومن أجل هذا الحلم كانت تعد الأيام والليالى وتستعجل السنين لتمر ، كانت تخطط لذلك طول الوقت فترة دراستها الثانوية وكما إتفقت مع أمها فى كل الخطابات المتبادلة بينهما والتى كانت تأتى مهربةمع إحد صديقات أمها وبعيدا عن أعين جدتها والتى عاشت فى كنفها وربتها هى وشقيقتها التى تصغرها بسنتين فى ذلك البيت الكبير ذو الشرفة الواسعة المطلة على بحيرة قارون فى مدينة الفيوم الساحرة الشهيرة بسواقيها السبع وبجمالها الطبيعى الخلاب هناك عاشت مع أختها الصغيرة وجدتهما الكبيرة القوية والمتسلطة يدفعان ثمن غلطة لم يكن لهما يداً فيها وظل
ذلك اللقب الكريه والذى حملته طوال فترة طفولتها وشبابها بدون رغبة منها هو الذى يحفزها للهروب من هذا المكان وتغير حياتها وحياة أختها إذن فلتكن بلد هذه الخواجاية والتى حملت وزرها طوال فترة طفولتها وشبابها بلدها هى الأخرى والتى تريد أن تكمل فيها حياتها معها ومع أختها .
إعتذرت سمر للمضيفة عن تناول وجبتها وطلبت تأجيلها لوقت لاحق فهى لا تشعر بأى رغبة فى الأكل بل علىالعكس تشعر بتوتر فى معدتها وبجفاف فى حلقها وكانت رائحة الطعام تشعرها بالغثيان وحاولت الذهاب الى الحماملغسل وجهها لكن ازدحام الطرقات بعربات الطعام جعلها تتراجع وتعود إلى ذكرياتها الحزينة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق