الحلقة السادسة عشر ... من برنامجكم الرمضانى اليومى " قطوف وأزهار من نوادر الأخبار " والذى يقدمه لكم فضيلة الشيخ محمد شرف الكراديسي الداعية الإسلامى والباحث فى السيرة النبوية العطرة ...
وكل عام وجميع الأمة الإسلامية بخير وسلام ...
حديث الفتن ....
قال الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان : كنا جلوساًعند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : من منكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر حديث الفتن التي تموج موج البحر ؟
قال حذيفة رضي الله عنه : أنا سمعته يا أمير المؤمنين وكان حذيفة بن اليمان كاتم الأسرار وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :- " تُعرض الفتن على القلوب كما تعرض الحصير عوداً عوداً فأيما قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء وأيما قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء حتى تكون على قلبين على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض . وعلى أسود مرباد مثل الكوز مجخياً " أى فارغاً " لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ". ( رواه البخارى ومسلم فى صحيحهما )
فتفسير هذا الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر
"بادروا بالأعمال الصالحة فلتكون فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسى كافراً أو يمسى مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا". ( رواه مسلم عن أبى هريرة )
ثم قال حذيفة رضي الله عنه : وهذا هو الذي أريده من الأمة الإسلامية جمعاء أن تستمع إليه وتعيه بأذن واعية .
ثم قال لأمير المؤمنين .لقد أخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بينك وبين الفتن باباً يوشك أن يكسر.
- فالباب هو عمر بن الخطاب . فإذا كسر عمر الباب انفتح وهاجت الفتن .
فقال عمر لحذيفة أكسراً ؟
- فلو أنه فتح لعله كاد يعاد –
قال حذيفة : قلت لعمر لا بل يكسر .
هذا وإنى أدعوا الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أدناها أن يدرسوا هذا الحديث .
لقد قتل عمر رضي الله عنه وهو يصلى الفجر بالمسلمين إماماً. والذي قتله مجوسى كافر .
ومن يوم وقوع عمر رضي الله عنه في صلاة الفجر هاجت الفتن .
إن الذي قام بقتل عمر رضي الله عنه جمعية سرية برئاسة رجل يهودى تظاهر بالإسلام هو عبد الله بن سبأ . جمع في جمعيته ألواناً ونماذج من المجوس واليهود وشتى الملل وأرسل عبداً يسمى أبا لؤلؤة وهو من المجوس لقتل عمر رضي الله عنه وهو يصلى الفجر . ولكنَّ عمر رضي الله عنه قبل أن يطعن كان قد رأي في المنام رؤيا .
فصعد عمر رضي الله عنه المنبر ذات يوم وكان يوم جمعة فقال لأصحابة لقد رأيت في المنام كأن ديكاً نقرنى ثلاث نقرات ولا أرى ذلك إلا دنو أجلى .
فالديك في المنام عبد مجوسى ونقر الديك طعن الخنجر .
قال عمر رضي الله عنه : فإن أنا مت فإن الله لن يضيع دينه ولا أمانته ولا ما بعث به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
فخطب عمر رضي الله عنه الخطبة يوم الجمعة وطعن في صلاة الفجر إماماً .
فلم تقو ساقاه على حمل جسمه فاستدعى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فأكمل الصلاة بالمسلمين إماماً .
وحمل عمر رضي الله عنه إلى بيته والدماء تنزف منه وأخذته غيبوبة .
إن عمر رضي الله عنه لم يطعن ولكنَّ الإسلام هو الذي طعن .. فعمر رضي الله عنه قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " سيبكى الإسلام على موتك يا عمر وأنت سراج الإسلام يا عمر " .
إن عمر رضي الله عنه لم يسل دمه إنما سالت دماء الإسلام .
وبعد أن فاق عمر رضي الله عنه من إغمائه سأل سؤال وقال للجالسين حوله : من الذي قتلنى ؟ قالوا : عبد مجوسى يدعى أبا لؤلؤة الكافر .
فخر لله ساجداً وقال : الحمد لله الذي لم يجعل مصرعى على يد رجل مسلم . سجد لله سجدة يحتج بها أمام الله يوم القيامة .
فلما حضرته الوفاة ودمائه الزكية تسيل منه قال لابنه عبد الله رضي الله عنه : يا عبد الله ارفع رأسى عن هذه الوسادة وضعها على الأرض عسى الله أن ينظر إلىَّ نظرة فيرحمنى .
ومات عمر رضي الله عنه موتة الشهداء .
رحم الله الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل
رحم الله عمر لقد عاش ككل الناس يشعل قنديلاً هزيلاً بالليل يتحدث فيه عن أمور الدولة فإذا شاء محدثه أن يخرج به من شئون المسلمين أطفأ المصباح .
فهذا المصباح ملك للدولة ومن هنا فلا يصح أن يستخدم في أغراض خاصة . فكان سيدنا أمير المؤمنين عمر دائم البكاء من خشية الله تعالى لدرجة أنك كنت ترى على وجهه خطين أسودين من كثرة انحدار الدموع وكان شديد الخوف من الله تعالى ومع هذا كان يقول :-
" ليت أمي لم تلدنى ليتنى كنت شعرة في جسم أبي بكر الصديق " .
وكان يقول : لو نادى مناد أن كل الناس يدخلون الجنة إلا واحداً لظننته أنا .
رحمك الله يا ابن الخطاب وجعلنا نقتفي أثرك .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق