السبت، 11 سبتمبر 2021

ذكَــرْتُها ... شعر / حسن منصور

 


 ذكَــرْتُها

 الشاعر حسن منصور

************

ذَكَـرْتُـها وَدُمـوعُ العَـيْـنِ تخْــنُــقُــني  ||   والشوق برّح بي والـوَجْـدُ يَقْــتُـلُـني
وقـلتُ يا لـيْـتَـني ما كـنـتُ أبْرَحُــهـا  ||   أوْ قَـسْوَةُ العَـيْـشِ والأيّامِ تُـبْـعِــدُني
وَما ابْـتَـعَـدْتُ ولكنْ كـنتُ في سَفَــرٍ  ||    أسْعى إلى مِـنَّةٍ منْ صاحِـبِ الْمِـنَنِ
وَعُــدْتُ أحْـمِـلُ أشْـواقي فَـأوْقَـفَــني  ||    بِبابِهـا غـاصِبٌ مـا كانَ يَرْحَـمُــني
وأوْصَدَ الـبابَ في وَجْـهي وهَــدَّدَني  ||    وَصَوْتُهُ هـادِراً بِالـمَـوْتِ أوْعَــدَني
وَصَـدَّني قـــائِلاً أنْتَ الغـريـبُ هُــنا  ||     وَهــذهِ أرْضُــنا مـنْ غـابِرِ الـزَّمَن
 رأيْتُ نفـسي وَحـيداً عـاجِـزاً تَعِـساً  ||    قـدْ كُنتُ في غَفْلَةٍ وَالظُّـلمُ أيْقَـظـني
لا يَقـتُلُ النفْسَ مِثْلُ العَـجْـزِ عَنْ تِرَةٍ   ||    مــنْ مُجْـــرِمٍ مـاثِلٍ لِـلعَـيْنِ وَالأُذُن
فكـيفَ يَصْـبِـرُ مَـنْ كانـتْ تُلاحِــقُـهُ   ||   ثلاثةَ القـهْــرِ وَالأشْـواقِ وَالـمِـحَــن
وَالصَّـبْرُ ذُلٌّ إذا لـمْ يَــبْـقَ لي أَمَـــلٌ  ||     وَكُـنْتُ مِـثلَ سَـجـينٍ لازِماً سَـكَـني
أرى العَـدُوَّ طَغـى لا شيءَ يَـرْدَعُـهُ   ||    لا الـثّأرُ يُقْــلِـقُـهُ أوْ شِـدَّةُ الضَّـغَــن          
بلْ يَطْـــمَـئِـنُّ إِذِ الـعُــرْبـانُ تَشْـهَـدُهُ  ||     وَكُلُّ ذي صَوْلَجــانٍ راعِـشُ الـبَدَن
يَرْجـو السَّلامّـةّ وَالكُــرْسِيُّ غـايَـتُـهُ  ||     وَأنْ يَنالَ الرِّضى في السِّرِّ وَالعَـلَن     
 تلــكَ الأمانِيُّ أقْـصى ما يُخـالِـجُــهُ  ||     من أجْــلِهـا كلُّ شيءٍ تافِـهُ الـثَـمَــن
 وليسَ يَخْجَلُ منْ شَـعـبٍ يُعـارِضُهُ  ||     أوْ منْ حِسابٍ سَيَتْلو النوْمَ في الكَفَن

                                  **********

وكُـلّـــنـا حــائِـرٌ وَالـهَـــمُّ يَقْـتُـلُــــنـا  ||    بِفِعْـلِ (مُنْـبَـطِـحٍ) للْخَـصْمِ مْـرْتَـهَــن
وَالعَزْمُ يُدْني المُنى مِنْ كلِّ ذي أَمَلٍ   ||   يَسْـعى بِلا كَـلَـلٍ يَمْـضي على سَـنـَن
 وَالعَـجْـزُ يُـبْعِــدُهُ إِنْ كان ذا خَــوَرٍ  ||    أوْ كـانَ ذا رِدّةٍ مَـعْ سـائِـرِ الـخَـــوَن
صارَتْ فِلَسْطينُ في الأحْلامِ أمْنِيَةً    ||   كالطَّيْفِ إنْ زارَني في النّوْمِ أسْعَدَني
كَأنَّهـا زَمَــنٌ أوْ حِـــقْــبَـةٌ طُـــوِيَـتْ   ||    وَلَمْ تَكُــنْ بَلَــداً مَـأْهـــولَـةَ الـمُــــدُن
ذكَـرْتُـهــا وَأَنـيـنُ الـقـلـبِ مُـتَّـصِـلٌ   ||   وَشَـوْقُـهُ النّـارُ، مَــوّالٌ مِـنَ الشَّـجَـن
وَالرّوحُ تَهْـفـو وَفي نَوْمي تُغادِرُني   ||   وَتَسْـألُ اللهَ أنْ تَـرْتــاحَ في الـوَطَــن
لِذا فَـفي النَّـوْمِ أحْــلامي مُـجَـنَّـحَــةٌ  ||     فَـلَـيْـتَـني مُدْرِكٌ ما كانَ في الوَسَــن
لكنْ إِلامَ سَيـبْـقى الحُـلْـمُ يُنْـصِفُــني   ||   وَالـواقِعُ المُــرُّ لا يَنْـفَـكُّ يُحْـبِـطُـــني
إلى مَتى سَـيَظَلُّ العُـمْـرُ مُـنْـتَـظِـراً   ||   وَالقَـلـبُ يَخْــفِـقُ والـدُّنْـيـا تُـعَــلِّـلُــني
هذا سُـؤالٌ يُلـبّي السَّـيْـفُ لَهْـفَــتَــهُ   ||   في كَـفِّ شَهْـمٍ شَـديدِ البَأْسِ مُـؤْتَـمَــن
إيـمانُـهُ راسِـخٌ لا شَـيْءَ يُـرْهِــبُــهُ   ||   بِغَــيْرِ ديـنِ الـوَفــا وَالـحَــقِّ لـمْ يِــدنِ
يَنْقَضُّ في وَمْضَةٍ مِثلَ الشِّهابِ إلى  ||   مَــواطِـنِ الشَّـرِّ وَالإجْــرامِ وَالـفِـــتَـنِ
وَرايَةُ الحَــقِّ عِـندَ الحَـرْبِ واحِدَةٌ   ||   في أمَّـةٍ خَـلُصَتْ مِـنْ سَطْـوَةِ الإِحَـــنِ
هـذا الـذي إِنْ أتى يَـوْمـاً بِـهِـمَّـتِــهِ   ||   شَفى غَـلـيلي، مِـنَ الأعْـداءِ أنْـصَفَـني
********************
الشاعر حسن منصور

من المجموعة الثالثة عشرة ـ ديوان جديد (دون عنوان) ص87


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فن البوستات كمال العطيوى