تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر
*******************
((( مدّي يديك تُخضّب الحناء ٠٠!! )))
الشاعرة و الكاتبة الروائية التونسية لطيفة الشابي - ١٩٦٤م ٠
أهْوي عَلى هُدب الْمُشتاقِ منْ وسني
كَأنَّني نخلة والْمعتلــــــى رطبــــــــي ٠
===
هَذَا عَامٌ مَطِيرٌ
بُشْرَاكِ يَا نفْسِي
بِالجَنْيِ الوَفِيرِ
خَفِّفِي الوَطْءَ
وَقَصْقِصِي
رِيشَ أَحْلاَمِكِ البِيضِ
كَيْ لاَ تَطِيرَ ٠
٠٠٠٠٠
يظل الشعر الفن الجميل القائم على الكلمة الراقية و التصوير الرائع و الموسيقى التي تهز نبض المشاعر المرهفة التي تعشق النقاء ٠٠
و لم لا فهو نتاج الإنسان الذي التحم مع الحياة بكل مقوماتها فرحا وحزنا في تأملات متلازمة هكذا ٠٠
و من تونس الخضراء التي تجمع زخارف الفنون الجميلة و الطبيعة الفيحاء نتوقف مع فلسفة ابن خلدون و جامعة القيروان و حصاد الشعري لأبي القاسم الشابي ٠٠
و شاعرتنا تنحدر بجذورها إلى الشابية حيث تمتلك موهبة الشعر الرومانسي القوي و تسير بين الواقع و الخيال و تقتبس من الموروث مقدمات الخصائص الفنية التي تطرز بها جماليات النص دوما ٠
تفتحت مسامعها على صدى قول أبي القاسم الشابي عندما غنى للحياة و الكفاح :
إذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ/ فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي/ وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ/ تَبَخَّـرَ فى جَوِّهَـا وَانْدَثَـر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ/ مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر ٠
لنبدأ مع نداء الحياة و الأمل الذي غرسه ابو القاسم الشابي في نفوس الشعراء جذوة مضيئة و من ثم كانت عباءة لطيفة الشابي الشعرية التي تدثرث برقاعها منذ أبصرت عيناها تلك النور فجاء شعرها متواليات بظلال الموروث الشابي في روح ثائرة ٠٠
و من ثم راحت تغرق في مداخل الرومانسية ذات الأنفاس المحترقة و الذات المتقلبة و التأملات الفلسفية الجميلة وحب الحياة و الثورة و الصمود التي عنوان الإنسان منذ الاحتلال حتى الاستقلال فشعرها دفقات ثورية تستلهم منها الإرادة في تحدي ٠
و شاعرتنا لطيفة الشابي تتقن القصيدة الموزونة بشتى خصائصها الفنية عمودية خيالية و تفعيلة شعر حر مرسل ٠
أليست هى القائلة :
لي عزّة هجر الزّمان ربوعها
راحت تُلملم حلمها الإنجاب
حطت ونسل الجودِ أكرم رحلها
فجنت بلَهْفِ الجائعين جراب ٠
: نشأتها
--------------
ولدت الشاعرة و الروائية التونسية لطيفة الشابي في المتلوي في 14 يوليو 1964في تونس ٠
تعمل مراقبة صحية بمطار توزر- نفط. شغلت منصب رئيسة اتحاد الكتاب التونسيين بتوزر. تشغل منصب نائبة رئيس اتحاد الكتاب التونسيين بتوزر، ومنصب نائبة رئيس الهيئة المديرة لمهرجان الشعر العربي الحديث بالجريد.
عضو بالهيئة لإستشارية العليا لوكالة عرار، وعضو بجمعية حصان البحار، وعضو بحركة شعراء العالم بالتشيلي ، وعضو بملتقى مبدعي الضفتين من أجل التغيير، وعضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب.
تعمل مشرفة على قسم الشعر الفصيح بدار الأدباء الثقافية، ولها قصائد مدوّنة ضمن الموسوعة الكبرى لشعراء العرب ٠
وأصدرت قصائد مترجمة للغة الفرنسية. متحصلة على أكثر من جائزة في المقال، والشعر، والقصة.
كُرمت داخل تونس وخارجها.
وحصلت على جائزة كتارا للقصة القصيرة و الرواية و غيرها في مجال الرواية ٠
: النتاج الشعري
===========
= "العام المطير” (ديوان شعري)، 2007 م ٠
= ديوان بعنوان " مدّي يديك تُخضّب الحناء " ٠
عن دار الثقافية للنشر و التوزيع بالمنستير ٠
* النتاج الروائي :
==========
• “طيور الهاربيز”، 2015 م ٠
= رواية بعنوان " ذاكرة-مثقوبة " ٠
* النتاجات الأخرى:
===========
• “الغاوون” (مجموعة قصصية)، 2009 م ٠
مختارات من شعرها :
مع قصيدة ( مواجــــع ) التي تنطلق منها الشاعرة لطيفة الشابي ترسم حلمها مع ذكريات بين أحضان الوطن منذ معاهد الصبا حيث الجمال و الحب و التضحية و قد سطرت تباريح النوى بلغة صامتة مهموسة تعكس زوايا البعد الإنساني و الجمالي و الاجتماعي و الحس الوطني فتقول في مطلعها المشفوع بنزعات القلق :
عِنْدَ النَّوَى هَاجَتْ دُمُوعُ تَوَجُّعِي
حِينَ اكْتَوَى قَلْبِي غُدَاة َتَحَطمِي
وا زدادَ فِي عَيْنِيّ هَطْلُ مَدَامِعِي
فاكْتَالَ مِنْ كَأسِ الغَرَامِ تنَدُّمِي
مِنُ أضلع الغيبِ تَأَجَّجَ خافقِي
والخَوْفُ يسْرِي، بِالمُحَالِ تَبَسُّمِي
سأقيم ُعُمرِي تَعْتَلِينِي حَيْرَتِي
وَلْتَبْقَ رُوحِي من جَوَى بِتَكَتُّمِي
ضَاقَتْ لُغَاتِي، مَا بَرَتْ لِي عِلَّتِي
وَمَحَتْ رُدُودُ الفِعْلِ كُلَّ تَلعْثمِـي
تُهْنَا حَيَارَى وَالنَّوَى يَـشْدُو غَدِي
وَبِهِ لَهِيبي فَاقَ شَوْقَ الـمُضْرِمِ
غَابَتْ أمَالِي ، مَا ارْتَوَتْ مِنْ مَنْبَعِي
لكِنَّ عِشْقِي مَا خَبَاهُ مُعْجَمِـي
خلّ الفُؤَادَ لَهِيبُهُ مِنْ حُرْقَتـِــــــــي
يَشْدُو الهُيَامَ بِلوْعـــــــةِ وتَألــــمِ
فِكْرِي يَهِيمُ وقَدْ تَفَجَّرَ مَنْبَعِي
لمّا حَوَاه ُ النَبْضُ فِي قَلْبِي الدَّمِ
ورَسَمْتُ وجْدِي فِي مَلاَمِحِ غَيِّهِ
ولقَدْ غَوَانِي الصَبُّ عِنْدَ تَبَرُّمِي
مـَن ذَا إذَا سَكَنَ الـفُؤَادَ بِـكُلِّهِ
يَمْحُو بِوِدٍ حَسْرَتِـي وَتَظَلّمِـي
لمّا أذابَ البُعْدُ جَوْفَ حُشَاشَتِي
عَظُمَتْ جِرَاحِي وارْتَشَفْتُ عَلقَمِي
ظَلَّ الغَرَامُ يَطُوفُ بِي فِي يَمِّهِ
حَتّىَ رُمِـيتُ بِلجِّهِ المُتَلطِّـــــمِ
عَطَرَ الفُـؤَادَ وقدْ تسَامَتْ رَوْضَتِي
إذْ بَاتَ عِطْرِي وَ المُتَيَّمُ مُغْرَمِي
لوْ نَاءَ طَيْفُهُ أصْطَلِي لِغِيَابِهِ
وَلَهِي يَفُوقُ الحَدَّ، دُونَ تَحَكُّمِ
لو بتُ أكتمه أموت بحسرتي
أو عدت أخبئهُ يهلُّ على فمي
يا سيّدي ضلعَ الحنين كسَرتَه ُ
وَهَوَى فُؤَادي قد همى منْ أدمعي ٠
***
و تنطلق بنا في قصيدة أخرى لتقول لطيفة الشابي في قصيدتها بعنوان ( أهازيج ) تصور فيها العشق و الصفاء وسط روافد الحيرة مع شغاف العمر الذي أثمر و أدبر برغم الجراحات و الأنين :
فكري أهازيج يناشد عطرهـا
يشدو خفاياها بقلب أحبرا
ويردّ عشقا فـي صفاء يرتوي
بـحنانها لو أسفرت ما أدبرا
كن لـي مُجيرا كي أهاود غصّتي
من صدرها جاش الهوى متسعّرا
زدني زريعا حيث ينبت داخلي
لـيعيش جذر الـحبِّ غصنا أثمرا
وبها روافد حيرتي قد أردفت
فيها المناهلُ رامها مـن أبصرا
ووصال عقلي قد تفكّك مُرغما
حلم تـلطّم فـي الدنى وتخدّرا
كم كنتُ أحكي لـلـسنين نوادرا
وعلى شـغاف الـعمر ناح تأثّرا
وقدِ اعتلى الـزّمن الـمفخّخ بـالرّزى
هلاّ أجزتَ الشعر أصدق ما انبرى
فـإذا القـصـيد قــد تـكدّر بحـره
وأنال من نفس المعين مُـطهِرا
كم ذا غويتَ مشاعري ودواخلي
وأثرتَ جرحي حين كنتَ مؤازرا ٠
***
و نختم لها بقصيدة بعنوان ( بلغ سلامي ) من شعر التفعيلة حيث تتحدث فيها عن الصمود و الكفاح في محصلة الصراعات التي تلف الواقع فتقول فيها لطيفة الشابي
بلّغ سلامي إلى قاتلي
باسْمِ الخُضُوع ِالذِي
لنْ أَرُومْ
بَلِّغْ سَلاَمِي إلى
قَاتِلي
وَرَدِّدْ مَعَ الذَّارِيَاتِ
تَرَاتِيلَ السَّمَاْءْ
وآشْرِبْ عَلَى نَخْبِ الهَوَى
مِنْ دَمِي
أَمَا أَنْصَفُونَا
بَلاَ آثَرُونَا
فَقَدْ خَيَّرُونَا
زَوَالٌ سَرِيع
أَوْمَوْتٌ
بَطِيئْ
بآسْمِ الصُّمُودِ
وصِدْقِ الوُعُودِ
قِوَى الغَدْرِ
لَنْ تَفْرَحِي
مَعَ كل فَجْرٍ
أَعُودُ
أُلَمْلِمْ رُفَاتِي
بِمِلْءِ يَدِي
وأَنْظِمْ قَصِيدًا
على دَفَّتَيْهِ
أَمُوتُ صَليبًا
ولاَ أَنحَنِي ٠
هذه كانت قراءة سريعة في عالم الشاعرة و الكاتبة الروائية التونسية لطيفة الشابي التي انطلقت من دوحة أبي القاسم الشابي ترسم لوحاتها الأدبية شعرا و نثرا في متواليات جمالية بين ظلال البيئة في لغة خاصة سهلة تستوعب مشاعر وصدق تجربتها المستمدة من وحي طبيعة البيئة الخضراء و مراحل التحرير و الاستقلال و الكفاح في روح ثائرة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق