... وافترقا ...
على نغمات فيروز ( شايف البحر) كانت ترقص طربا وفرحا.. والإحساس بالسعادة يسرى إلى كل أرجاء جسدها فتهزه فى حبور وبشر لدرجة أنها رغبت في أن تخرج لشرفتها لتصرخ إلى كل الناس وتخبرهم أنها قد وجدت من كانت تتمناه وتحلم به منذ الصغر رجلا يريدها لنفسها.. يختارها هو يشعرها بالحياة بعد أن عاشت حياه جدباء فقدت معها كل معنى للحياة.. وها هو قد جاء الرجل الذى أهداها هذه الأغنية التى تفيض بالمشاعر.. وينساب منها أرق الأحاسيس وأعطرها. وبالفعل خرجت إلى الشرفة. ولكنها فوجئت به يقف هو الآخر فى شرفها أمها التى تقيم في البيت المقابل لبيتها وقد جاء للزيارة- كما تعود ما بين وقت وآخر - للسؤال عن الأهل .
شعرت بالخجل الشديد وتراجعت على الفور ولا تدري هل رآها أم لا.. ولكنها أيقنت من أنه رآها لأنه لا يكف بصره عن النظر إلى شرفتها كلما جاء للزيارة وكثيرا ما كانت تراقب هذه النظرات التى تفيض اشتياق ورغبة فى رؤياها من خلف ستار شرفتها.
آخر مره ألتقت به جاءت مصادفة عندها كان عائدا من زيارة أهلها وذهب ليستقل القطار عائدا إلى بيته بينما هى كانت عائدة إلى بيتها بعد أن كانت تشترى بعض الأشياء لبيتها.. ألتقى بها وتحدث معها وعند الانصراف أهداها هذه الأغنية لفيروز.
هاهو أمامها يطل من شرفة والدتها بنظره المشتاق لرؤيها ينتظر صدى الأغنية التي أهداها لها والتي تغنى عن كل حديث.. وتخفف عنه وطأة الإحساس بالتقصير فى التعبير عن مشاعره نحوها وأن كان الرجل لازال يشعر بالافتقار إلى أسلوب أرقى للتعبير عما يملأ جسده من أحاسيس ومشاعر لهذه المرأة ولعل الأغنية المهداة لها هى بمثابة فاتحة شهية ونقطة انطلاق لما هو أشمل وأعم أو لعلها إشارة يفهمها اللبيب فترفع عنه كاهل الإحساس بالعجز والتقصير فى وصف مكانتها العميقة في نفسه.
أما هى فما كانت بحاجة للأغنية لتفهم وتشعر بمدى مكانتها عنده ولعلها أكثر فهما من اللبيب الذى يفهم من الإشارة فقد فهمت هذا كله وشعرت به من أول نظرة لا مغالاة فى ذلك وإنما هو واقع فعلى وحقيقي.
جاءت من خلال أول لقاء بينهما بدون ترتيب أو إعداد له عندما نشب خلافا بينها وبين زوجها -كالمعتاد-فقد تزوجت منه رغما عنها تحت ضغط من والديها بعد أن كانت ترفض الزواج من أى شاب على أمل أن تجد من تهفو روحها إليه وترتاح نفسها له. ويرجع ضغط والديها لأن الشاب هو جار لهم وله من الصفات ما تتمناها أى فتاه فى زوجها ولقناعتهما أن المشاعر تأتى بعد الزواج.
ولكنها لم تسعد يوما منذ زواجها ولهذا كثيرا ما ينشب خلافات بينها وبين زوجها فتترك البيت وتذهب إلى بيتها أمها فيجتمع الأهل في حضورها وزوجها أيضا لمناقشة الخلاف بينهما وينتهي الأمر إلى أن يصطحبها زوجها للبيت إلا أن هذه المرة تعقدت الأمور وحدث ما لم يكن في الحسبان.....
هذه المرة تركت بيتها على إثر خلافا مجددا مع زوجها وتواجد الأهل -كالمعتاد-لإنهاء الخلاف ولكن هذه المرة لم تطاوع أهلها للرجوع للبيت فوجود هذا الرجل والرغبة في لقاؤه في بيت أمها سببا لعنادها ورفضها للصلح مع زوجها ولهذا رأى الأهل بقاؤها لبضعة أيام ريثما يهدأ الامر.
على الرغم من أن لقاؤها بالرجل كان لقاءا عاديا ولكنه ترك أثرا واضحا فى نفسها وبدأ جنين المشاعر يتحرك فيها ليس هى وحدها وإنما هو الآخر فقد بدأت نظراته تحلق تجاه شرفتها بحثا عنها كأنه يطلب منها أن تأتى لأهلها ولا تكف عن زيارتها لهم ليراها ويتحدث معها وهكذا قفزت العلاقة قفزات سريعة فى وقت محدود.
ما مصير هذه العلاقة؟
والي أين تقودهما سفينتهما..؟
هكذا قفز الفكر المؤلم إلى خلدها.. وقد شغلها نشوة اللقاءات.. والمشاعر التي وجدتها.. ونست أو تناست أنها إمرأه متزوجه وكان لابد من إيجاد الحل المناسب لهذا الأمر...!...
جاء الرجل إلى بيت أمها -كالمعتاد-طلق الوجه تبدو عليه علامات السعادة لأنه وجدها عند أمها فقطعته على الفور وأخبرته بالأمر وساد الصمت بينهما..
أشفقت عليه من إيقاظه من حلم كان يعيش فيه بل وهى الأخرى عاشت فيه.. ما أثقله عليه بل وعليها هى الأخرى. لاهى ولاهو يتمنى كل منهما أن ينتهى أمرهما
على هذا النحو وأن كان الأولى أن ينتهى منذ مهده ولكنها كانت بحاجة من يشعرها بالحياة وينتشلها من الغرق من حياه لاروح فيها.
وهو الآخر ظل يبحث عن ضالته المنشودة يودعها مشاعره وأحاسيسه فتبادله بمثلها.
وكان لابد من الفراق.. وافترقا..
مرت الأيام. . توفى زوجها وتمنت أن يصل هذا الخبر إليه فلم يعد هناك حائلا بينه وبينها.. وشعرت أن مشاعرها تجاهه قد بدأت تتحرك وتتوهج وشعرت أنه قد حان الوقت لتبدأ حياتها الحقيقية.
وعاشت تترقب عودته فتطل على شرفة أمها على أمل أن تراه فكم اشتاقت إليه.
وذات يوم وهى غارقه في حلمها والغد المشرق الذي تتمناه سمعت رنين الهاتف يرن بإلحاح فنهضت للرد عليه وكان هو.. نعم هو وما أن سمعت صوته حتى أنها لم تدرى ماذا تقول له من شده فرحها به و....
وأثناء حديثها معه سمعت امرأه تنادى عليه :يا حسام. يا حسام
_نعم يا سعاد
_ أنها زوجتي يا أماني
_ زوجتك....!!!
أحست كأن القدر يرد على صفعتها التى صفعتها على وجهه من قبل عندما عرفت بأنه قد تزوج.. هاهو يقفل الباب في وجهها فإذا كانت قد طلبت منه الفراق فهي الأخرى لابد لها أن تبعد عنه
وافترقا....!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق